ترخيص الخطّابات- حلّ لمشكلة العنوسة وضمانة ضدّ الاحتيال في الزواج.
المؤلف: بشرى فيصل السباعي10.25.2025

تتزايد النقاشات حول الأسباب الكامنة وراء تفشي ظاهرة العنوسة في مجتمعنا، وغالباً ما يُعزى ذلك إلى ارتفاع المهور. بيد أن هذا الاعتقاد يخالف الواقع، فالحقيقة الماثلة للعيان تُظهر أن العديد من الأسر في مجتمعنا تتبنى نمطاً غير اجتماعي، حيث تقبع الفتيات في المنازل، لا يشاركن في أي أنشطة اجتماعية أو مهنية، ممّا يُعيق فرص التعارف عليهن. وتبقى وسيلة وحيدة أمام الخُطّاب للوصول إليهن، ألا وهي الخاطبات، تلك الوسيطات اللاتي ساءت سمعتهن بسبب القصص المتداولة حول النصب والاحتيال والابتزاز، ممّا أدى إلى عزوف الأهالي عن الاستعانة بهن.
تعرض الكثيرون لعمليات نصب واحتيال وابتزاز من قبل أفراد مجهولي الهوية يعرضون خدماتهم على وسائل التواصل الاجتماعي بألقاب مستعارة، مثل "أم فلان"، دون وجود ما يثبت هويتهم أو مصداقيتهم. والضحايا، خوفاً من الفضيحة، يمتنعون عن الإبلاغ عن هؤلاء المحتالين والمبتزين المجهولين، علماً بأن وراء تلك الحسابات قد يختبئ رجال. تجدر الإشارة إلى أن عقوبة الابتزاز قد تصل إلى غرامة قدرها مليوني ريال والسجن لمدة خمس سنوات.
لذا، فإن أعظم مساعدة يمكن أن تقدمها الدولة لمواجهة مشكلة العنوسة هي إصدار ترخيص رسمي للخاطبات من جهة معنية، ونشر أسمائهن الحقيقية في موقع رسمي، ممّا يضفي طابع الثقة لدى الأهالي الذين يضعون معلومات بناتهم في عهدتهن. إن أهمية نشر أسماء الخاطبات في موقع رسمي تنبع من انتشار ادعاءات كاذبة بين الخاطبات على مواقع التواصل الاجتماعي بأنهن حاصلات على تراخيص رسمية، ويعرضن تلك التراخيص المزورة في حساباتهن. والجدير بالذكر أن الدولة لم تصدر حتى الآن أي تراخيص رسمية للخاطبات، وحتى في حال إصدارها، سيكون من الصعب على الشخص العادي التمييز بين الرخصة الحقيقية والمزورة. لذا، فإن نشر أسماء الخاطبات في موقع رسمي مع معلومات الاتصال بهن سيكون بمثابة ضمانة لمصداقيتهن ومنعاً للتزوير.
إن منح التراخيص الرسمية للخاطبات يجب أن يقابله إلزامُهن بشروط تضمن مصلحة وخصوصية وحقوق العملاء. وفي حال الإخلال بتلك الشروط والإضرار بمصلحة العميل، سيتمكن من تقديم شكوى ضد الوسيطة المخالفة؛ لأنها لن تكون مجرد اسم مجهول في حساب مجهول على مواقع التواصل، وسيتم معاقبتها وسحب ترخيصها. فالحل الأمثل لمواجهة انتشار السلبيات في أي مجال هو تقنينه وإيجاد البديل القانوني.
إن تقنين مهنة الخاطبة سيزيل السمعة السلبية الشائعة حالياً عن هذه المهنة، ممّا يشجع الأهالي على الاستعانة بها في تزويج بناتهم، ويشجع الخاطبات على الإعلان عن أسمائهن الحقيقية. وبالتالي، فإن تقنين مهنة الخاطبة ورفع السمعة السلبية عنها سيشجع النساء المؤهلات على العمل فيها. فالنساء الحاصلات على شهادات في التخصصات النفسية والاجتماعية هنّ الأقدر على ممارسة هذه المهنة من غير المؤهلات أكاديمياً. ويمكن للتكنولوجيا واللوغاريتمات والذكاء الاصطناعي التي توظفها مواقع التواصل أن تساعد في ترشيح الأنسب توافقاً مع متطلبات العملاء.
كما أن التقنين سيساعد في منع تورط الخاطبات في الزيجات سيئة السمعة كزواج المسيار. فوفقاً لمبعوث الأمم المتحدة ومستشار مكتبها الإقليمي لمكافحة الإيدز، حميد زرافتايش، "زواج المسيار هو السبب الرئيسي للإصابة بالإيدز في العالم العربي". لذا، سيكون من مصلحة الجميع تقنين منع توسط الخاطبات في زواج المسيار. فالرجال غالباً ما يلجأون إلى الخاطبات في زواج المسيار، بينما يلجأون إلى أمهاتهم وقريباتهم في الزواج الرسمي. لذا، فإن منع الخاطبات من التوسط في زواج المسيار سيساعد في إغلاق هذا الباب سيئ السمعة ووخيم العواقب.
وستكون هذه إحدى فوائد تقنين هذه المهنة، حيث سيُمكن منع الممارسات السلبية السائدة فيها، والتي تجلب لها السمعة السيئة المحرجة التي تجعل الأهالي يعزفون عنها رغم حاجتهم إليها.
